Why Palestine: Context

188 Words, 0min

لماذا فلسطين؟

عدد الكلمات 188 زمن القراءة بالدقائق 0
التشغيل الحالي: لماذا فلسطين؟

للمزيد من المعلومات حول تسلسل زمني مفصّل للتاريخ الفلسطيني، يرجى الاطّلاع على:

فلسطين: السياق العام

تتألّف فلسطين اليوم - أو الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة - من الضفّة الغربيّة وشرقيّ القدس وقطاع غزّة، وتخضع لاحتلال عسكريّ من قِبل دولة إسرائيل منذ عام 1967، ممّا يجعله أطول احتلال عسكريّ على مدى التاريخ1. يعيش ما يقارب 5.7 مليون فلسطيني في مخيّمات اللاجئين داخل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة والدول المجاورة من الأردن ولبنان وسوريا2؛ مشكّلين "إلى حدٍّ بعيد أكبر مشاكل اللاجئين وأطولها في العالم اليوم"3.

أتوسّع أكثر في استكشاف مفهوم الإثنية والدين أدناه، لأنّ لهذين المصطلحين أهميّة مرجعيّة عند الحديث عن احتلال فلسطين. تتقاطع تجارب [الحياة] مع النضال، وتتخطّى النوع الجندريّ والطبقة الاجتماعيّة والجنسانيّة والحالة الصحيّة والإعاقة والسنّ (من ضمن خصائص أخرى). هنالك مقاطع مخصّصة لقراءة موسّعة عن هذه المواضيع في قائمة القراءة.

الإثنية والدين

تتقسّم الديانات في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة كالتالي: يوجد في الضفّة الغربيّة أكثريّة مسلمة (سنيّة) 80-85%، ويهود 12-14%، ومسيحيّون 1.0-2.5% (أرثوذكس شرقيّون بشكل رئيسيّ)، ودروز، ومتاولة (شيعة)، وبهائيين فلسطينيين؛ أمّا في قطاع غزّة فالأكثريّة هي مسلمة (سنيّة) 98-99%. تتصف الإثنية القوميّة في الضفّة الغربيّة غالبًا بالعربيّة (الفلسطينيّة) ونسبتها 83%، وباليهوديّة الإسرائيليّة أو "أخرى" ونسبتهما 17%؛ و98.7% عربيّة (فلسطينيّة) في قطاع غزّة. اللغات المستعملة هي العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة4.

غالبًا ما يوجد في اللغة الإنجليزيّة ووسائل الإعلام الغربيّة نوعًا من الفصل الثقافي المصطنع بين مصطلحي "اليهود" و"العرب". يتبعثر استخدام هذه المصطلحات بين الدين والعرق متجاهلًا الواقع المركّب لوجود يهود عرب مثل المزراحيون [اليهود الشرقيون] (من اليمن والعراق). يوجد داخل الجماعات اليهوديّة يهود مزراح (يهود الشرق الأوسط)، وسفارد (يهود جنوب أوروبا، أيّ إسبانيا والبرتغال)، وأشكناز (يهود شرق أوروبا)، ويهود إثيوبيون؛ ويقابلهم يهود سابرا (المولودين في إسرائيل ونسبتهم 70.3%) ومهاجرون. تميّز الحكومة الإسرائيليّة المكوّنة من أغلبيّة أشكنازيّة بشكلٍ ممنهج ضدّ باقي الجماعات اليهوديّة المختلفة في إسرائيل والأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. يوجد على الأقلّ 70 ألف لاجئ غير فلسطيني من مناطق جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا وعمّال أجانب يعيشون في إسرائيل / الأراضي الفلطسينيّة المحتلّة.

قد يكون مصطلح "العرب" واسعًا في معناه لمختلف المجتمعات الناطقة باللغة العربيّة والمنحدرة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا5، وتلك التي تعيش في المهجر. هي مجتمعات واسعة وغير متجانسة؛ ومع ذلك، تخلط في بعض الأحيان كلّ من وسائل الإعلام والثقافة الغربيّة مصطلحات مختلفة [متعلّقة بالعرب] في وصفها لدول عربيّة بحسب موقعها الجغرافي أو سياسة الدولة (على سبيل المثال: دول الأعضاء في جامعة الدول العربيّة)، ويمكن لهذا أن يكون مختلفًا عن الثقافة العربيّة (بخلاف الثقافات التركيّة والفارسيّة والكرديّة)، أو عن الدول التي تكون فيها اللغة العربيّة رسميّة (مثل السودان والصومال)، أو عن حركاتٍ سياسيّة (مثل فكرة الوحدة العربيّة). تُخلط أمور دول الشرق الأوسط بشكل غير دقيق وتُحصر في العالم الإسلامي بسبب الأغلبيّة المسلمة التي تعيش فيها؛ لكن تتواجد أكبر المجتمعات الإسلاميّة دُوليًّا في جنوب آسيا وجنوب شرقيّ آسيا (في إندونيسيا وباكستان)، بالإضافة إلى وجود عدّة تيّارات مختلفة في الإسلام.

تفترض الطريقة التي يُستعمل فيها مصطلح "العرب" في السياق الفلسطيني أنّ لجميع المجتمعات العربيّة ومجتمعات شتاتها نفس التوجّة من القضيّة الفلسطينيّة، ولها كذلك حصّة فيها؛ إذ غيّرت بعض التحالفات العربيّة في موقفها من إسرائيل عبر التاريخ، ويأتي هذا التغير بسبب دوافع إجتماعيّة-إقتصاديّة (مثل الاستفادة من التجارة مع إسرائيل) وأهداف سياسيّة-جغرافيّة أخرى. طبّعت بعض الدول العربيّة ـ مثل الإمارات العربيّة المتحدة ـ علاقاتها مع إسرائيل، ورفضت بلدان أخرى ذلك، مثل قطر.

عاشت مجتمعات مسلمة ومسيحيّة ويهوديّة معًا في فلسطين إلى حين ازداد فيه الفصل بين هذه المجتمعات خلال فترة الانتداب البريطاني (1922-1948)، وأخذ شكل التقسيم إبّان قيام دولة إسرائيل عام 1948. الهَفرادا (وتعني الفصل بالعبريّة) هي سياسةٌ تتّبعها دولة إسرائيل لفصل السكّان الإسرائيليين والفلسطينيين عن بعضهما داخل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة؛ إذ يتوجّب على كلّ شخص أن يحمل بطاقة هويّة تصدرها إسرائيل، كُتب فيها حتى عام 2005 الإثنيّة القوميّة لحاملها، واستُبدلت هذه الخانة في عام 2015 برمز [عدد من النجوم المطبوعة] دلّ على الإثنيّة القوميّة.

تهدف الصهيونيّة، وهي إيديولوجيّة سياسيّة قائمة على الاستيطان الاستعماري، إلى إقامة دولة في فلسطين تفضّل فيها اليهود الأشكناز على غيرهم6. ومعنى أن يكون الشخص معادٍ للصهيونيّة هو أن يرفض سياسة الدولة القائمة على تفضيل مجموعة إثنيّة دينيّة على غيرها، وهذا مختلف تمامًا عن معاداة الساميّة [معاداة اليهود]، وتحمل الأخيرة كراهيّة وتعصّب تجاه اليهود في جميع أنحاء العالم؛ ولكن، وللأسف، كثيرًا ما تخلط كلّ من وسائل الإعلام والثقافة الشعبيّة بين الأمرين. لا تتحدّث الصهيونيّة باسم جميع المجتمعات اليهوديّة حول العالم، إذ أنّ الكثير من اليهود ليسوا صهاينة؛ وليس جميع الصهاينة يهود! هناك صهاينة مسيحيون وسياسيّون صهاينة، على سبيل المثال: دول ذات سياسات خارجيّة داعمة لإسرائيل. عادةً ما يتمّ التذرّع بالدين كسبب لدعم إسرائيل، رغم أنّ أغلبيّة سكّانها علمانيين (%40)7، والكثير من الجماعات اليهوديّة المتديّنة مناهضة للصهيونيّة (مثل الحركة اليهوديّة الحريديّة ناطوري كارتا).

لماذا فلسطين؟

احتلال فلسطين هو حالة مميّزة، ولكنّه أيضًا نمطًا تاريخيًّا من الاستيطان الاستعماري (مثل المملكة المتّحدة في أمريكا، أو فرنسا في كندا) ونظام الفصل العنصريّ [الأبارتهايد] في جنوب أفريقيا.

ُستخدم مصطلح الاستيطان الاستعماريّ عند غزو واستعمار دولة أجنبيّة، وتميّزه سمات محدّدة مثل النزوح الجماعي للسكّان الأصليين، وامتداد الاستيطان والاستيلاء على الأراضي غالبًا بواسطة وسائل عسكريّة عنيفة، وبناء بُنى تحتيّة مؤسساتيّة وقانونيّة وإيديولوجيا ثقافيّة أو مسرد ثقافي لدعم وشرعنة عمليّات الاستيطان (التفوّق العرقيّ العنصريّ والحق في الاستيلاء على الأراضي). بينما تُدبغ مقاومة المستعمَرين أو النازحين بوصمة "الإرهاب"، ولا تُحاسب المؤسّسات الاستعماريّة الجديدة على أعمالها بحجّة حفاظها على "الأمن". تتّبع الصهيونيّة - كحركة مستقلّة ومختلفة عن اليهوديّة8 - منطقًا استيطانيّا واستعماريّا. لكنّ لفلسطين سياقًا مختلف قليلًا عن الولايات المتحدة الأمريكيّة وكندا، حيث كانت الاختلافات بين السكّان الأصليين والمستعمرين أكثر وضوحًا فيها. يوجد في فلسطين وإسرائيل نوع من الأصالة المتنازع عليها 9؛ حيث كان هناك فلسطينيون مسلمون ومسيحيّيون ويهود قبيل عام 1948، لكن أدّت الحركة الصهيونيّة إلى النزاع على ملكيّة الأرض مدّعية أن الحقّ فيها للشعب اليهوديّ فقط. ويرى الكثير في إدّعاء الصهيونيّة إزاء الأصالة [والحقّ في ملكيّة الأرض] كذريعة للسيطرة الاستيطانيّة في المنطقة. دعم الحكومات الغربيّة لدولة إسرائيل هو جزء من استراتيجيّة جيوسياسيّة تتبعها هذه الحكومات لضمان وجودها الإقليمي في الشرق الأوسط والمشاركة في موارده الطبيعيّة (مثل الغاز والنفط)، باعتبار إسرائيل "بؤرة (استيطانيّة)" غربيّة في المنطقة. على الرغم من أنّ دعم بعض الجماعات لإسرائيل يتأتّى من مكان داعم للشعب اليهودي ومصلحته، إلّا أن هذا ليس الدافع الأساسي وراء دعم الحكومات الغربيّة لإسرائيل. تستغلّ هذه الحكومات تاريخ الشعب اليهودي بطريقة هزليّة لتحقيق مصالحها الخاصّة، إذ أنّها غير معنيّة حقًا بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، بل انّها مستفيدة من استمرار السياسات الاستعماريّة القائمة على مبدأ فرّق تسد. غالبًا ما يؤطّر استخدام مصطلحيّ "اليهود" "والعرب" الوضع داخل اختلافات إثنيّة ودينيّة بدلًا من ديناميكيّات الاستيطان الاستعماري، وتُستخدم هذه المصطلحات لدعم تأويلات معيّنة في وسائل الإعلام الغربيّة، تبعدها عن سياق التاريخ الاستعماريّ البريطانيّ والوجود الكولونيالي الأمريكيّ. يعرّف القانون الدوليّ للأمم المتّحدة الأبارتهايد كالتالي: "نظام مؤسساتي للقمع المُمنهج وسيطرة مجموعة إثنيّة عرقيّة على مجموعة أو مجموعات أخرى بغية الحفاظ على هذا النظام"10.

لا يمكن اعتبار الوضع في فلسطين حدث أو صراع قصير الأجل، بل إنّه طويل الأمد وهيكليّ ومؤسساتيّ في تفرقته وعدم مساواته. هو ليس "منتج ثانويّ" لحالة ما، بل أنّه مقصود وممنهج11؛ وليس صراع بين دول متساوية، بل يتميّز بديناميكيّة وقوى غير متكافئة حيث تحتل وتسيطر إسرائيل على الأراضي والموارد والطاقة (الكهرباء والماء) في فلسطين، ويمكنها أن تتدخّل في البُنى الحكوميّة والقانونيّة. تتلقّى إسرائيل - وهي دولة عسكريّة - الدعم (الماديّ) من حلفائها حول العالم، وتحتلّ وتسيطر على منطقة تعيش أغلبيّتها الفلسطينيّة في فقر.

كيف لهذه الأمور أن تكون مهمّة للناس في المملكة المتحدة؟

لعبت المملكة المتحدة البريطانيّة دورًا هامّة في التاريخ الاستعماريّ لفلسطين، حيث حكمت فيها خلال الانتداب البريطاني بين عام 1922 و1948. وعدت المملكة المتحدة الفلسطينيين خلال الحرب العالميّة الأولى (عام 1914-1918) باستقلالهم عن الامبراطوريّة العثمانيّة مقابل قتالهم بجانب قوّات الحلفاء. قررّت حكومات المملكة المتحدة وفرنسا في عام 1916 تقسيم منطقة الشرق الأوسط بينهما (ضمن اتفاقية سايكس بيكو LINK)، من دون موافقة الشعوب التي تسكن هذه المنطقة. حكمت كلّ من المملكة المتحدة وفرنسا فلسطين بعد الحرب العالميّة الأولى (1918-1922)، وحكمت من بعدها المملكة المتحدة فلسطين خلال الانتداب البريطاني على فلسطين بين الأعوام 1922-1948. كان هذا حكمًا إداريًا استعماريًا لمنطقة محتلّة، حيث حُرم الفلسطينيون حقّ تقرير المصير، وسمحت عصبة الأمم بكلّ ذلك. وعدت الحكومة البريطانيّة خلال هذه الفترة إهداء الأرض الفلسطينيّة المحتلّة إلى جماعات صهيونيّة. وأدّى هذا الوعد إلى تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، وهي السنة ذاتها لنكبة فلسطين، حيث قتلت المليشيات العسكريّة الصهيونيّة 13 ألف فلسطينيّ وشرّدت 80% من السكّان الفلسطينيين وجعلت منهم لاجئين. كان دور بريطانيا محوريًا في تكوين دولة إسرائيل ومخالفًا للوعد الذي قطعته مع الفلسطينيين لتحقيق استقلالهم، واستمرّت في دعمها العسكريّ والاقتصاديّ لدولة إسرائيل متّبعةً نمطها التاريخيّ في الاستيطان في الشرق الأوسط القائم على مبدأ فرّق تسد. المملكة المتحدة حليف بارز للولايات المتحدة الأمريكيّة، والأخيرة داعم سياسيّ واقتصاديّ ورئيسي لإسرائيل12.

  1. بحسب مقرِّر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة (مايكل لينك) عام 2019.
  2. وكالة الأونروا (الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى)
    3.مفوّض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، حالة اللاجئين في العالم (2006) الفصل الخامس
    4.الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وكتاب حقائق وكالة المخابرات المركزية
  3. كمحاولة لإعادة صياغة المنطقة خارج نطاق لغة الاستعمار الغربيّة، يمكن القول: جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا (LINK to article)
  4. Definition of Zionism by Visualising Palestine collective.
  5. دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل https://www.cbs.gov.il/he/pages/default.aspx https://www.cbs.gov.il/EN/Pages/default.aspx
  6. See Reading List on fighting anti-Semitism
  7. لعنصرية المنهجية في الولايات المتحدة وإسرائيل: المقارنات والتناقضات، حلقة نقاش بين نادية أبو الحاج وجوهانا فرنانديز ومها نصّار ونهلة عبدو - زعبي، موسّسة الدراسات الفلسطينيّة، تمّوز 2020. LINK? Systemic Racism in the US and Israel’ A panel discussion between Nadia Abu El Haj, Johanna Fernández, Maha Nassar, and Nahla Abdo, Institute of Palestine Studies (July) 2020
  8. وفقًا لاتفاقيّة الأمم المتحدة الدوليّة لعام 1973 بشأن قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، وبموجب قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة لعام 2002.
  9. الشبكة البريطانيّة الفلسطينيّة للصحّة النفسيّة، تعهّد عمّال الصحّة النفسيّة.
  10. تقوم إسرائيل ببرامج "تبادل" مع قوّات الشرطة الأمريكيّة، بالإضافة إلى اضطهادها للفلسطينيين. وتوفّر شركة إلبيط الإسرائيليّة أجهزة تكنولوجية لمراقبة حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، ويؤثر هذا بشكل غير متساوٍ على مجتمعات الناس من غير البشرة البيضاء من أصول أفريقيّة أو آسيويّة (POC - people of colour).
    See Reading List on Black-Palestinian Solidarity See: Deadly Exchange: The Dangerous Consequences of American Law Enforcement Trainings in Israel by Jewish Voice for Peace and RAIA (Researching the American-Israeli Alliance)

للمزيد من المعلومات حول تسلسل زمني مفصّل للتاريخ الفلسطيني، يرجى الاطّلاع على:

فلسطين: السياق العام

تتألّف فلسطين اليوم - أو الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة - من الضفّة الغربيّة وشرقيّ القدس وقطاع غزّة، وتخضع لاحتلال عسكريّ من قِبل دولة إسرائيل منذ عام 1967، ممّا يجعله أطول احتلال عسكريّ على مدى التاريخ1. يعيش ما يقارب 5.7 مليون فلسطيني في مخيّمات اللاجئين داخل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة والدول المجاورة من الأردن ولبنان وسوريا2؛ مشكّلين "إلى حدٍّ بعيد أكبر مشاكل اللاجئين وأطولها في العالم اليوم"3.

أتوسّع أكثر في استكشاف مفهوم الإثنية والدين أدناه، لأنّ لهذين المصطلحين أهميّة مرجعيّة عند الحديث عن احتلال فلسطين. تتقاطع تجارب [الحياة] مع النضال، وتتخطّى النوع الجندريّ والطبقة الاجتماعيّة والجنسانيّة والحالة الصحيّة والإعاقة والسنّ (من ضمن خصائص أخرى). هنالك مقاطع مخصّصة لقراءة موسّعة عن هذه المواضيع في قائمة القراءة.

الإثنية والدين

تتقسّم الديانات في الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة كالتالي: يوجد في الضفّة الغربيّة أكثريّة مسلمة (سنيّة) 80-85%، ويهود 12-14%، ومسيحيّون 1.0-2.5% (أرثوذكس شرقيّون بشكل رئيسيّ)، ودروز، ومتاولة (شيعة)، وبهائيين فلسطينيين؛ أمّا في قطاع غزّة فالأكثريّة هي مسلمة (سنيّة) 98-99%. تتصف الإثنية القوميّة في الضفّة الغربيّة غالبًا بالعربيّة (الفلسطينيّة) ونسبتها 83%، وباليهوديّة الإسرائيليّة أو "أخرى" ونسبتهما 17%؛ و98.7% عربيّة (فلسطينيّة) في قطاع غزّة. اللغات المستعملة هي العربيّة والعبريّة والإنجليزيّة4.

غالبًا ما يوجد في اللغة الإنجليزيّة ووسائل الإعلام الغربيّة نوعًا من الفصل الثقافي المصطنع بين مصطلحي "اليهود" و"العرب". يتبعثر استخدام هذه المصطلحات بين الدين والعرق متجاهلًا الواقع المركّب لوجود يهود عرب مثل المزراحيون [اليهود الشرقيون] (من اليمن والعراق). يوجد داخل الجماعات اليهوديّة يهود مزراح (يهود الشرق الأوسط)، وسفارد (يهود جنوب أوروبا، أيّ إسبانيا والبرتغال)، وأشكناز (يهود شرق أوروبا)، ويهود إثيوبيون؛ ويقابلهم يهود سابرا (المولودين في إسرائيل ونسبتهم 70.3%) ومهاجرون. تميّز الحكومة الإسرائيليّة المكوّنة من أغلبيّة أشكنازيّة بشكلٍ ممنهج ضدّ باقي الجماعات اليهوديّة المختلفة في إسرائيل والأراضي الفلسطينيّة المحتلّة. يوجد على الأقلّ 70 ألف لاجئ غير فلسطيني من مناطق جنوب الصحراء الكبرى في أفريقيا وعمّال أجانب يعيشون في إسرائيل / الأراضي الفلطسينيّة المحتلّة.

قد يكون مصطلح "العرب" واسعًا في معناه لمختلف المجتمعات الناطقة باللغة العربيّة والمنحدرة من دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا5، وتلك التي تعيش في المهجر. هي مجتمعات واسعة وغير متجانسة؛ ومع ذلك، تخلط في بعض الأحيان كلّ من وسائل الإعلام والثقافة الغربيّة مصطلحات مختلفة [متعلّقة بالعرب] في وصفها لدول عربيّة بحسب موقعها الجغرافي أو سياسة الدولة (على سبيل المثال: دول الأعضاء في جامعة الدول العربيّة)، ويمكن لهذا أن يكون مختلفًا عن الثقافة العربيّة (بخلاف الثقافات التركيّة والفارسيّة والكرديّة)، أو عن الدول التي تكون فيها اللغة العربيّة رسميّة (مثل السودان والصومال)، أو عن حركاتٍ سياسيّة (مثل فكرة الوحدة العربيّة). تُخلط أمور دول الشرق الأوسط بشكل غير دقيق وتُحصر في العالم الإسلامي بسبب الأغلبيّة المسلمة التي تعيش فيها؛ لكن تتواجد أكبر المجتمعات الإسلاميّة دُوليًّا في جنوب آسيا وجنوب شرقيّ آسيا (في إندونيسيا وباكستان)، بالإضافة إلى وجود عدّة تيّارات مختلفة في الإسلام.

تفترض الطريقة التي يُستعمل فيها مصطلح "العرب" في السياق الفلسطيني أنّ لجميع المجتمعات العربيّة ومجتمعات شتاتها نفس التوجّة من القضيّة الفلسطينيّة، ولها كذلك حصّة فيها؛ إذ غيّرت بعض التحالفات العربيّة في موقفها من إسرائيل عبر التاريخ، ويأتي هذا التغير بسبب دوافع إجتماعيّة-إقتصاديّة (مثل الاستفادة من التجارة مع إسرائيل) وأهداف سياسيّة-جغرافيّة أخرى. طبّعت بعض الدول العربيّة ـ مثل الإمارات العربيّة المتحدة ـ علاقاتها مع إسرائيل، ورفضت بلدان أخرى ذلك، مثل قطر.

عاشت مجتمعات مسلمة ومسيحيّة ويهوديّة معًا في فلسطين إلى حين ازداد فيه الفصل بين هذه المجتمعات خلال فترة الانتداب البريطاني (1922-1948)، وأخذ شكل التقسيم إبّان قيام دولة إسرائيل عام 1948. الهَفرادا (وتعني الفصل بالعبريّة) هي سياسةٌ تتّبعها دولة إسرائيل لفصل السكّان الإسرائيليين والفلسطينيين عن بعضهما داخل الأراضي الفلسطينيّة المحتلّة؛ إذ يتوجّب على كلّ شخص أن يحمل بطاقة هويّة تصدرها إسرائيل، كُتب فيها حتى عام 2005 الإثنيّة القوميّة لحاملها، واستُبدلت هذه الخانة في عام 2015 برمز [عدد من النجوم المطبوعة] دلّ على الإثنيّة القوميّة.

تهدف الصهيونيّة، وهي إيديولوجيّة سياسيّة قائمة على الاستيطان الاستعماري، إلى إقامة دولة في فلسطين تفضّل فيها اليهود الأشكناز على غيرهم6. ومعنى أن يكون الشخص معادٍ للصهيونيّة هو أن يرفض سياسة الدولة القائمة على تفضيل مجموعة إثنيّة دينيّة على غيرها، وهذا مختلف تمامًا عن معاداة الساميّة [معاداة اليهود]، وتحمل الأخيرة كراهيّة وتعصّب تجاه اليهود في جميع أنحاء العالم؛ ولكن، وللأسف، كثيرًا ما تخلط كلّ من وسائل الإعلام والثقافة الشعبيّة بين الأمرين. لا تتحدّث الصهيونيّة باسم جميع المجتمعات اليهوديّة حول العالم، إذ أنّ الكثير من اليهود ليسوا صهاينة؛ وليس جميع الصهاينة يهود! هناك صهاينة مسيحيون وسياسيّون صهاينة، على سبيل المثال: دول ذات سياسات خارجيّة داعمة لإسرائيل. عادةً ما يتمّ التذرّع بالدين كسبب لدعم إسرائيل، رغم أنّ أغلبيّة سكّانها علمانيين (%40)7، والكثير من الجماعات اليهوديّة المتديّنة مناهضة للصهيونيّة (مثل الحركة اليهوديّة الحريديّة ناطوري كارتا).

لماذا فلسطين؟

احتلال فلسطين هو حالة مميّزة، ولكنّه أيضًا نمطًا تاريخيًّا من الاستيطان الاستعماري (مثل المملكة المتّحدة في أمريكا، أو فرنسا في كندا) ونظام الفصل العنصريّ [الأبارتهايد] في جنوب أفريقيا.

ُستخدم مصطلح الاستيطان الاستعماريّ عند غزو واستعمار دولة أجنبيّة، وتميّزه سمات محدّدة مثل النزوح الجماعي للسكّان الأصليين، وامتداد الاستيطان والاستيلاء على الأراضي غالبًا بواسطة وسائل عسكريّة عنيفة، وبناء بُنى تحتيّة مؤسساتيّة وقانونيّة وإيديولوجيا ثقافيّة أو مسرد ثقافي لدعم وشرعنة عمليّات الاستيطان (التفوّق العرقيّ العنصريّ والحق في الاستيلاء على الأراضي). بينما تُدبغ مقاومة المستعمَرين أو النازحين بوصمة "الإرهاب"، ولا تُحاسب المؤسّسات الاستعماريّة الجديدة على أعمالها بحجّة حفاظها على "الأمن". تتّبع الصهيونيّة - كحركة مستقلّة ومختلفة عن اليهوديّة8 - منطقًا استيطانيّا واستعماريّا. لكنّ لفلسطين سياقًا مختلف قليلًا عن الولايات المتحدة الأمريكيّة وكندا، حيث كانت الاختلافات بين السكّان الأصليين والمستعمرين أكثر وضوحًا فيها. يوجد في فلسطين وإسرائيل نوع من الأصالة المتنازع عليها 9؛ حيث كان هناك فلسطينيون مسلمون ومسيحيّيون ويهود قبيل عام 1948، لكن أدّت الحركة الصهيونيّة إلى النزاع على ملكيّة الأرض مدّعية أن الحقّ فيها للشعب اليهوديّ فقط. ويرى الكثير في إدّعاء الصهيونيّة إزاء الأصالة [والحقّ في ملكيّة الأرض] كذريعة للسيطرة الاستيطانيّة في المنطقة. دعم الحكومات الغربيّة لدولة إسرائيل هو جزء من استراتيجيّة جيوسياسيّة تتبعها هذه الحكومات لضمان وجودها الإقليمي في الشرق الأوسط والمشاركة في موارده الطبيعيّة (مثل الغاز والنفط)، باعتبار إسرائيل "بؤرة (استيطانيّة)" غربيّة في المنطقة. على الرغم من أنّ دعم بعض الجماعات لإسرائيل يتأتّى من مكان داعم للشعب اليهودي ومصلحته، إلّا أن هذا ليس الدافع الأساسي وراء دعم الحكومات الغربيّة لإسرائيل. تستغلّ هذه الحكومات تاريخ الشعب اليهودي بطريقة هزليّة لتحقيق مصالحها الخاصّة، إذ أنّها غير معنيّة حقًا بتحقيق السلام في الشرق الأوسط، بل انّها مستفيدة من استمرار السياسات الاستعماريّة القائمة على مبدأ فرّق تسد. غالبًا ما يؤطّر استخدام مصطلحيّ "اليهود" "والعرب" الوضع داخل اختلافات إثنيّة ودينيّة بدلًا من ديناميكيّات الاستيطان الاستعماري، وتُستخدم هذه المصطلحات لدعم تأويلات معيّنة في وسائل الإعلام الغربيّة، تبعدها عن سياق التاريخ الاستعماريّ البريطانيّ والوجود الكولونيالي الأمريكيّ. يعرّف القانون الدوليّ للأمم المتّحدة الأبارتهايد كالتالي: "نظام مؤسساتي للقمع المُمنهج وسيطرة مجموعة إثنيّة عرقيّة على مجموعة أو مجموعات أخرى بغية الحفاظ على هذا النظام"10.

لا يمكن اعتبار الوضع في فلسطين حدث أو صراع قصير الأجل، بل إنّه طويل الأمد وهيكليّ ومؤسساتيّ في تفرقته وعدم مساواته. هو ليس "منتج ثانويّ" لحالة ما، بل أنّه مقصود وممنهج11؛ وليس صراع بين دول متساوية، بل يتميّز بديناميكيّة وقوى غير متكافئة حيث تحتل وتسيطر إسرائيل على الأراضي والموارد والطاقة (الكهرباء والماء) في فلسطين، ويمكنها أن تتدخّل في البُنى الحكوميّة والقانونيّة. تتلقّى إسرائيل - وهي دولة عسكريّة - الدعم (الماديّ) من حلفائها حول العالم، وتحتلّ وتسيطر على منطقة تعيش أغلبيّتها الفلسطينيّة في فقر.

كيف لهذه الأمور أن تكون مهمّة للناس في المملكة المتحدة؟

لعبت المملكة المتحدة البريطانيّة دورًا هامّة في التاريخ الاستعماريّ لفلسطين، حيث حكمت فيها خلال الانتداب البريطاني بين عام 1922 و1948. وعدت المملكة المتحدة الفلسطينيين خلال الحرب العالميّة الأولى (عام 1914-1918) باستقلالهم عن الامبراطوريّة العثمانيّة مقابل قتالهم بجانب قوّات الحلفاء. قررّت حكومات المملكة المتحدة وفرنسا في عام 1916 تقسيم منطقة الشرق الأوسط بينهما (ضمن اتفاقية سايكس بيكو LINK)، من دون موافقة الشعوب التي تسكن هذه المنطقة. حكمت كلّ من المملكة المتحدة وفرنسا فلسطين بعد الحرب العالميّة الأولى (1918-1922)، وحكمت من بعدها المملكة المتحدة فلسطين خلال الانتداب البريطاني على فلسطين بين الأعوام 1922-1948. كان هذا حكمًا إداريًا استعماريًا لمنطقة محتلّة، حيث حُرم الفلسطينيون حقّ تقرير المصير، وسمحت عصبة الأمم بكلّ ذلك. وعدت الحكومة البريطانيّة خلال هذه الفترة إهداء الأرض الفلسطينيّة المحتلّة إلى جماعات صهيونيّة. وأدّى هذا الوعد إلى تأسيس دولة إسرائيل في عام 1948، وهي السنة ذاتها لنكبة فلسطين، حيث قتلت المليشيات العسكريّة الصهيونيّة 13 ألف فلسطينيّ وشرّدت 80% من السكّان الفلسطينيين وجعلت منهم لاجئين. كان دور بريطانيا محوريًا في تكوين دولة إسرائيل ومخالفًا للوعد الذي قطعته مع الفلسطينيين لتحقيق استقلالهم، واستمرّت في دعمها العسكريّ والاقتصاديّ لدولة إسرائيل متّبعةً نمطها التاريخيّ في الاستيطان في الشرق الأوسط القائم على مبدأ فرّق تسد. المملكة المتحدة حليف بارز للولايات المتحدة الأمريكيّة، والأخيرة داعم سياسيّ واقتصاديّ ورئيسي لإسرائيل12.

  1. بحسب مقرِّر الأمم المتحدة الخاص لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينيّة (مايكل لينك) عام 2019.
  2. وكالة الأونروا (الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى)
    3.مفوّض الأمم المتحدة السامي لشؤون اللاجئين، حالة اللاجئين في العالم (2006) الفصل الخامس
    4.الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني وكتاب حقائق وكالة المخابرات المركزية
  3. كمحاولة لإعادة صياغة المنطقة خارج نطاق لغة الاستعمار الغربيّة، يمكن القول: جنوب غرب آسيا وشمال إفريقيا
  4. Definition of Zionism by Visualising Palestine collective.
  5. دائرة الإحصاء المركزية في إسرائيل https://www.cbs.gov.il/he/pages/default.aspx https://www.cbs.gov.il/EN/Pages/default.aspx
  6. See Reading List on fighting anti-Semitism
  7. لعنصرية المنهجية في الولايات المتحدة وإسرائيل: المقارنات والتناقضات، حلقة نقاش بين نادية أبو الحاج وجوهانا فرنانديز ومها نصّار ونهلة عبدو - زعبي، موسّسة الدراسات الفلسطينيّة، تمّوز 2020. LINK? Systemic Racism in the US and Israel’ A panel discussion between Nadia Abu El Haj, Johanna Fernández, Maha Nassar, and Nahla Abdo, Institute of Palestine Studies (July) 2020
  8. وفقًا لاتفاقيّة الأمم المتحدة الدوليّة لعام 1973 بشأن قمع جريمة الفصل العنصري والمعاقبة عليها، وبموجب قانون روما الأساسي للمحكمة الجنائيّة الدوليّة لعام 2002.
  9. الشبكة البريطانيّة الفلسطينيّة للصحّة النفسيّة، تعهّد عمّال الصحّة النفسيّة.
  10. تقوم إسرائيل ببرامج "تبادل" مع قوّات الشرطة الأمريكيّة، بالإضافة إلى اضطهادها للفلسطينيين. وتوفّر شركة إلبيط الإسرائيليّة أجهزة تكنولوجية لمراقبة حدود الولايات المتحدة مع المكسيك، ويؤثر هذا بشكل غير متساوٍ على مجتمعات الناس من غير البشرة البيضاء من أصول أفريقيّة أو آسيويّة (POC - people of colour).
    See Reading List on Black-Palestinian Solidarity See: Deadly Exchange: The Dangerous Consequences of American Law Enforcement Trainings in Israel by Jewish Voice for Peace and RAIA (Researching the American-Israeli Alliance)